اليمن.. القوات الجنوبية تطلق “الحسم” في حضرموت لقطع شريان الإرهاب الحيوي
أعلن المجلس الانتقالي الجنوبي إطلاق عملية عسكرية جديدة واسعة النطاق في محافظة أبين الساحلية شرقي عدن أطلق عليها “عملية الحسم” تستهدف حرمان الإرهاب من شريانه الحيوي.
وأكد المجلس الانتقالي الجنوبي أن العملية العسكرية موجهة هذه المرة نحو تنظيم القاعدة على العكس من حملاته الكبيرة التي قام بها خلال الأيام الماضية ووجهها نحو السيطرة على مناطق واسعة في محافظتي حضرموت والمهرة.
وفي التفاصيل، بدأت وحدات من القوات المسلحة الجنوبية، الاثنين، انتشارا ميدانيا واسعا في المناطق الشمالية الشرقية من محافظة أبين، جنوبي اليمن، في إطار مرحلة جديدة من المواجهة العسكرية الشاملة ضد تنظيم “القاعدة”، تستهدف تفكيك بنيته القتالية وقطع شرايين إمداده البشري واللوجستي القادمة من مناطق سيطرة الحوثيين.
وأفادت مصادر ميدانية بأن وحدات من قوات الحزام الأمني وقوات الدعم والإسناد ومحور أبين انتشرت في مناطق المنطقة الوسطى بمحافظة أبين، مع الزج بقوات إضافية إلى خطوط التماس المتاخمة لمكيراس في إطار خطة عسكرية متكاملة تهدف إلى إنهاء الوجود الحوثي وتأمين المديرية وربطها بالمناطق المحررة.
وسيطر المجلس الانتقالي الجنوبي هذا الشهر على معظم محافظتي حضرموت والمهرة، بما في ذلك منشآت النفط الحيوية.
خطة استراتيجية محكمة
وفي السياق، قال المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة الجنوبية المقدم محمد النقيب، إن العملية العسكرية الجديدة تأتي ضمن خطة استراتيجية محكمة، صممت للتعامل مع التهديدات المستجدة وفي مقدمتها إعادة تفويج عناصر إرهابية ودفعها مجددا نحو محافظة أبين بدعم مباشر من الحوثيين عقب خسارتها خطوط الإمداد الرئيسة للسلاح إثر إحكام القوات الجنوبية سيطرتها على وادي وصحراء حضرموت ومحافظة المهرة.
وأوضح النقيب أن مسرح العمليات بأبين سيشهد توسعا نوعيا وجغرافيا، يمكن القوات الجنوبية من الوصول إلى مختلف بؤر انتشار التنظيم، خلايا أو معسكرات بديلة ومستحدثة، بما في ذلك المناطق الجبلية الوعرة في مديريات مودية والمحفد وجيشان، وشمال شرق مديرية لودر.
وأشار إلى أن أهداف “عملية الحسم” ليست آنية أو قصيرة الأمد، بل تتطلب وقتا وجهدا تراكميا للقضاء على العناصر الإرهابية، نظرا لتعقيد البيئة الجغرافية، وتشابك شبكات الإمداد البشري واللوجستي المرتبطة بمناطق سيطرة الحوثيين عبر المرتفعات الجبلية الشاهقة بين أبين ومحافظة البيضاء.
وأكد النقيب أن عملية “سهام الشرق” السابقة ضد القاعدة، نجحت في تفكيك وطرد عناصر التنظيم من أبرز معاقله وأوكاره الرئيسة التي ظل يتمركز فيها لعقود، مستفيدا من بنية تحتية بدائية وخبرة قتالية متراكمة، وعلى رأسها وادي “عومران” شرقي مديرية مودية الذي وصفه بأنه أحد أخطر وأبرز معاقل القاعدة ليس على مستوى البلاد فحسب، بل أيضا في المنطقة بأكملها.
وشدد على أن المعركة ضد الإرهاب ستظل مفتوحة ومستمرة ما دامت شرايين التمويل والتسليح والتدريب للتنظيم قائمة.
وحذر المتحدث من استمرار ما أسماه بـ”تسيس النشاط الإرهابي” من قبل الحوثيين والإخوان المسلمين في اليمن، في محاولة لإخضاع الجنوب وثني قواته المسلحة عن معركتها الكبرى.
وأفاد النقيب بأن إطلاق “عملية الحسم” جاء كإجراء وقائي استراتيجي لقطع الإمدادات، مبينا أن القوات ممثلة بألوية الدعم والإسناد وقوات الحزام الأمني ومحور أبين القتالي، بدأت بالانتشار في مسرح عمليات سهام الشرق، بهدف إحكام السيطرة وتحقيق الأهداف المحددة.
وذكر أن الجهود التي تقودها القوات المسلحة الجنوبية في مجال مكافحة الإرهاب، وبدعم من دولة الإمارات العربية المتحدة، تندرج ضمن حملة أمنية شاملة ومتدرجة، بدءا من عدن وبادية المكلا وساحل حضرموت، وصولا إلى أبين وشبوة، لاجتثاث الإرهاب وتأمين الجنوب.
وبحسب المتحدث، فإن هذه العمليات لا تقتصر أهميتها على البعد المحلي، بل تحمل أيضا أهمية استراتيجية ذات أبعاد إقليمية ودولية، في ظل تصنيف تنظيم القاعدة في اليمن كأحد أخطر فروع التنظيم عالميا، وضلوعه في تخطيط وتنفيذ عمليات استهداف دول ومصالح دولية عديدة.
ولف إلى أن الحوثيين يحاولون تمكين القاعدة من التمركز في مواقع استراتيجية مطلّة على ممرات الملاحة الدولية وطرق الطاقة والتجارة العالمية في البحر الأحمر وخليج عدن.
وشدد على أن القوات الجنوبية تدرك بأنها لا تواجه التنظيم منفردا بل تواجه أيضا شبكة معقدة من الشركاء، ما يجعلها خط الدفاع الأول والمبدئي عن أمن واستقرار المصالح التجارية الدولية في المنطقة.
وبين في هذا الصدد أن العمليات العسكرية تستهدف القاعدة والإخوان والحوثيين، وأن الهدف من العملية هو قطع شرايين الإمداد بين الحوثيين والقاعدة، قائلا إن “الجنوب يخوض معركة مصيرية ضد الإرهاب”.
وتعد محافظة أبين الممتدة على الشريط الساحلي للبحر العربي، العمق الشرقي للأمن الاستراتيجي للعاصمة المؤقتة عدن، ونقطة وصل حيوية مع المحافظات الشرقية والشمالية.
ثغرة أمنية خطرة
من جهته، قال نائب رئيس الإعلام بالمجلس الانتقالي الجنوبي منصور صالح إن مهمة القوات الجنوبية المسلحة تثبيت الأمن والاستقرار ومن ثم تمكين أبناء حضرموت من إدارة مناطقهم اقتصاديا وعسكريا مع الجاهزية التامة لتغطية أي فراغ أمني.
ويفيد منصور صالح بأن التطورات التي شهدتها حضرموت أخيرا جاءت في إطار عملية ضرورية كان لا بد من اتخاذها لتعزيز الأمن والاستقرار في مناطق الوادي والصحراء بمحافظة حضرموت وكذلك محافظة المهرة”، وهي استجابة لمطالبات ومناشدات أهالي المحافظتين “لبسط الأمن والاستقرار فيهما وإنهاء عوامل الفوضى.
واتهم صالح عناصر المنطقة العسكرية الأولى التي طردوها من حضرموت بأنها شكلت على مدى الأعوام الماضية ثغرة أمنية خطرة استخدمت ممرا لتهريب السلاح إلى جماعة الحوثي، كما كانت منطقة لتنامي نشاط التنظيمات الإرهابية إضافة إلى تورط شبكات مرتبطة بها في تهريب المخدرات.
وأكد صالح أن نجاح القوات الجنوبية في بسط سيطرتها على المنطقة، أسهم بصورة مباشرة في إغلاق أهم منافذ الفوضى وإحكام السيطرة على خطوط التهريب، مما سينعكس على الأرض بوضوح بتحسن الأمن واتساع نطاق الاستقرار.
تأمين المدخل الشرقي لوادي حضرموت
إلى ذلك، باشرت قوات النخبة الحضرمية والقوات المسلحة الجنوبية المتمركزة في البوابة الشرقية لوادي وصحراء حضرموت مهامها الأمنية بتأمين المدخل الشرقي، وإجراء عمليات تفتيش دقيقة للمركبات القادمة والمغادرة.
ولفتت مصادر محلية إلى أن العملية تندرج في إطار جهودها لتعزيز الأمن والاستقرار وحماية خطوط العبور الدولية الرابطة بين وادي وصحراء حضرموت وسلطنة عمان.
وأكدت المصادر أن هذه الخطوة تعكس التزام القوات المسلحة الجنوبية والنخبة الحضرمية بسيادة القانون ومكافحة الممارسات غير القانونية، وتوفير بيئة آمنة لحركة المواطنين والتجارة، بما يسهم في تعزيز الاستقرار الاقتصادي والمعيشي في وادي وصحراء حضرموت.
مرحلة حاسمة على أكثر من محور
وتخوض القوات المسلحة الجنوبية إلى جانب الأجهزة الأمنية، مرحلة حاسمة على أكثر من محور، تشمل ملاحقة التنظيمات الإرهابية في مديريات المنطقة الوسطى بأبين، وفي مقدمتها وادي عومران ومديرية مودية، للقضاء على أوكار العناصر التابعة لتنظيم القاعدة، ومنع استخدام هذه المناطق كنقاط عبور أو إمداد باتجاه جبهات القتال، بما في ذلك جبهة مكيراس.
ويمثل التحرك العسكري الذي قاده المجلس الانتقالي الجنوبي في ديسمبر الحالي منعطفا نوعيا في معادلة مكافحة الإرهاب في اليمن، إذ غير البيئة العملياتية التي طالما استفادت منها الجماعات المتطرفة.
وقال مسؤولون إن السيطرة أدت إلى تعطيل شبكات التهريب وخطوط الإمداد التي كانت تشكل شريانا حيويا لتغذية تنظيم القاعدة ونتيجة لذلك تقلصت قدرة القاعدة على المناورة والانتشار، وتراجعت قدرتها على تنفيذ هجمات نوعية.
وأوضحوا أن استعادة السيطرة على وادي حضرموت، وإطلاق عملية “الحسم” وهي أول عملية تنفذ ضمن إطار قيادة جنوبية موحدة منذ أكثر من عقد ونصف، سينعكس إيجابا على استقرار الجنوب وعلى الأمن البحري في الممرات الدولية الحساسة، وعلى رأسها باب المندب، ما يمنح التحرك الجنوبي بعدا يتجاوز الإطار المحلي إلى حسابات الأمن الإقليمي والدولي.
جاء ذلك خلال تأكيدات عمرو علي سالم البيض الممثل الخاص لرئيس المجلس الانتقالي الجنوبي للشؤون الخارجية، في معرض رده على الانتقادات الإيرانية حيث قال “إن الاعتراض الإيراني على العمليات التي تقوم بها القوات الجنوبية في مكافحة الإرهاب وجهودها الرامية إلى تعطيل طرق تهريب الأسلحة للحوثيين، يثير تساؤلات جدية”.
وأضاف عمرو علي سالم البيض: “يفترض أن تكون محاربة التطرف أولوية مشتركة لكل الدول لا موضع خلاف”.
وأفاد بأن الاصطفاف مع جهات تزعزع الاستقرار لا يخدم أمن المنطقة ولا سيادة اليمن، مشددا على أن الجنوب لن يساوم على هذه القيم، وسيضع دائما مصلحة شعبه في المقدمة.
اعتراض إيران على عمليات القوات الجنوبية في مكافحة الإرهاب وجهود تعطيل طرق تهريب الأسلحة للحوثيين تثير تساؤلات جدية. يفترض أن تكون محاربة التطرف أولوية مشتركة لكل الدول، لا موضع خلاف. الاصطفاف مع جهات تزعزع الاستقرار لا يخدم أمن المنطقة ولا سيادتنا. الجنوب لن يساوم على هذه القيم،…
— Amr Al-Bidh | عَمْرْو البِيض @AmrAlBidh December 15, 2025
المصدر: RT + وسائل إعلام
