تقرير صادم في إسرائيل: شهادات جديدة حول خطة سرية كانت ستوقف هجوم 7 أكتوبر ورفض تصفية الضيف والسنوار

تقرير صادم في إسرائيل: شهادات جديدة حول خطة سرية كانت ستوقف هجوم 7 أكتوبر ورفض تصفية الضيف والسنوار

كشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، عن شهادات جديدة حول خطة سرية كان يمكن أن توقف عملية “طوفان الأقصى”، وتفاصيل رفض اغتيال قياديي الحركة وقتئذ يحيى السنوار ومحمد الضيف.

وحسب “يديعوت أحرونوت”، تلقت لجنة اللواء احتياط سامي ترجمان في الأشهر الأخيرة شهادات من كبار المسؤولين في الجيش الإسرائيلي حول إحدى أكثر القضايا اشتعالا في العامين اللذين سبقا الحرب: الخطط العملياتية للقيادة الجنوبية لاغتيال محمد الضيف ويحيى السنوار – والتي لم يتم تنفيذها على الرغم من توصيات كبار الضباط، وفي الخلفية مطالبة رئيس الأركان آنذاك بالتركيز على الاستعداد للجبهة الشمالية، وكما حثّ المستوى السياسي باستمرار – عدم المبادرة بأي تحرك في غزة في أيام الهدوء.

ووفق “يديعوت أحرونوت”،أشارت المواد الاستخباراتية التي ضُبطت في حواسيب حماس في قطاع غزة خلال المناورة إلى الموعد الأخير – قبل 7 أكتوبر – الذي فكرت فيه قوات “حماس” بجدية في تنفيذ خطة “سور أريحا” الاسم  الإسرائيلي الرمزي الذي أُطلق على الخطة العملياتية الاستراتيجية لحركة حماس لتنفيذ الهجوم الكبير على إسرائيل: بين عيد الفصح 2023 و”يوم الاستقلال” من العام نفسه. وجاء ذلك على خلفية تعميق الانقسام في المجتمع الإسرائيلي وتزايد التحريض بسبب “الثورة القضائية” التي قادتها الحكومة في تلك الفترة، وتصاعد الاحتجاجات ضدها”.

بالإضافة إلى ذلك، كُشف لأعضاء لجنة ترجمان أيضا عن “المبادرة الإسرائيلية المضادة التي تم النظر فيها في تلك الفترة – وفي الفترة الموازية لها قبل عام: تنفيذ خطة إسرائيلية لاغتيال قائدي حماس – يحيى السنوار ومحمد الضيف. وقد كُشفت الخطة في موقع “ynet” وصحيفة “يديعوت أحرونوت” بالفعل في مارس من هذا العام، في مقال رونين بيرغمان ويوفال روبوفيتش بملحق 7 أيام”.

وحسب إحدى الشهادات، التي وصلت إلى اللجنة من ضابط رفيع، فإن القيادة الجنوبية لم تدفع فقط باتجاه خطة محدودة لاغتيال القائدين، بل وأيضا باتجاه خطة أوسع أُعدت في القيادة الجنوبية في بداية العقد الماضي. وهي خطة وضعتها القيادة تحت قيادة اللواء إليعازر توليدانو، ومقسمة إلى أربع مراحل:

مبادرة إسرائيلية مفاجئة تبدأ باغتيال الضيف والسنوار بالإضافة إلى اثنين أو ثلاثة من كبار مسؤولي “حماس” على مستوى قائد لواء.

قصف جميع مواقع بناء قوة الحركة المعروفة لدى الشاباك شين بيت والاستخبارات العسكرية أمان.

غارات جوية متدرجة لمهاجمة المواقع المركزية لحماس والجهاد الإسلامي.

في المرحلة الأخيرة: دخول ثلاث فرق نظامية 162، 36، و 98 لمناورة برية محدودة بهدف تطهير مناطق إطلاق الصواريخ.

وأوضحت “يديعوت أحرونوت” أنه “على مر السنين، طلب المستوى السياسي برئاسة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إبقاء حماس في السلطة بالقطاع، ولذلك لم تكن الخطة تهدف إلى هزيمة حماس أو إسقاط حكمها، لكنها كانت تهدف إلى توجيه ضربة قاسية جداً وإخراجها من التوازن، بحيث يتم ردعها لسنوات”.

ووفقا لتصريحات ذلك الضابط أمام اللجنة، فإن هيئة الأركان العامة، بناءً على توصيات أقسام العمليات والاستخبارات، رفضت هاتين المبادرتين – المحدودة والواسعة – في الفرصتين اللتين أتيحتا في عام ونصف العام قبل عملية “طوفان الأقصى”.

إلى جانب هذه الشهادة، وصلت إلى لجنة ترجمان شهادة أخرى تتعارض معها، فحسب ضابط رفيع آخر من تلك الفترة، تحدث مع اللجنة وقدم لها ملخصات للمناقشات العملياتية، فإن القيادة الجنوبية قدمت توصية بتنفيذ النسخة “المصغرة” من الخطة، أي اغتيال قائدي حماس السنوار والضيف.

ووفقا لهذه الرواية، في تلك الفرصة الأولى لتنفيذ الخطة التي طرحتها القيادة الجنوبية – في مايو 2022 – “جاء الاقتراح في الأصل من جهاز الشاباك. كان الدافع هو: هجوم الفؤوس في نهاية “يوم الاستقلال” في مدينة إلعاد، حيث قتلت أربعة إسرائيليين على يد خلية تسللت من الضفة. في تلك الأيام، ألقى السنوار “خطاب الفؤوس” الذي دعا فيه كل فلسطيني لحمل أي سلاح متاح وذبح الإسرائيليين به. لقد سقطت تلك التوصية أساسا بسبب النظرية التي مفادها أنه يجب إبقاء حماس قائمة وقوية في غزة وهي ضعيفة ومردوعة، وأن يتم ضربها كل بضعة أشهر من خلال جولات تصعيد، وبالتأكيد عدم الربط بين جبهة الضفة الغربية وغزة”.

لكن الفرصة الأكثر أهمية، حسب “يديعوت أحرونوت”، جاءت مرة أخرى خلال فترة توتر أمني، وإطلاق صواريخ ومضايقات حدودية نفذها نشطاء “حماس”، بين عيد الفصح و”يوم الاستقلال” في عام 2023. عادت خطة المبادرة الإسرائيلية للظهور، ووفقا للنسخة الثانية التي استمعت إليها لجنة ترجمان، فإن “توصية القيادة الجنوبية لم تشمل الخطة الموسعة – بل مجرد اغتيال كبار المسؤولين. ووفقا لهذه الشهادة، أيد الشاباك برئاسة رونين بار الفكرة بالفعل، لكن التحفظ – أيضا من جانب رئيس الأركان آنذاك هرتسي هاليفي – كان تحفظا مبدئيا، بسبب السياسة الحكومية الثابتة بمنح تلك الحصانة لحماس”.

ونُقل إلى أعضاء لجنة ترجمان ما يلي: “التقى توليدانو وهاليفي لمناقشة الموضوع، وطلب قائد القيادة الجنوبية بالفعل الموافقة على المضي قدما في خطوة اغتيال قادة حماس، وحصل على الضوء الأخضر من رئيس الأركان للمضي قدما في تخطيط العملية، لكن هاليفي طالبه بخطة لتنفيذ ذلك ليس فقط في أيام الهدوء – حيث تكون فرصة كشف موقع الضيف والسنوار في وقت واحد أعلى – ولكن أيضا في أيام التوتر. كان الافتراض هو أنه إذا اقتنع نتنياهو بالفعل باغتيال قادة حماس، فسيكون ذلك فقط خلال تصعيد أو توتر، يمكن أن يبرر الخطوة. من الواضح أن السنوار والضيف حذران للغاية وحرصا على مر السنين، حتى في أوقات الهدوء، على عدم الانكشاف في وقت واحد”.

كما نُقل إليهم: “في الواقع، لم يقم توليدانو حقا بتجنيد الجميع للمضي قدما في الخطوة، لا الشاباك ولا سلاح الجو. لإقناع صانعي القرار بالمضي قدماً في مثل هذه الخطوة الاستراتيجية والكبيرة، يجب الوصول بها إلى مستوى عالٍ من النضج. هذا لم يحدث، ولم تكشف القيادة حتى عن خطة سور أريحا لرئيس الأركان أو المستوى السياسي”.

ووفقا لهذه الشهادة، يجب أيضا النظر، حسب “يديعوت أحرونوت” إلى الصورة الكاملة لعام 2023، “حزب الله أصبح أكثر جرأة ضد إسرائيل، بما في ذلك حادث التسلل غير المسبوق من الحدود اللبنانية وصولا إلى مفترق مجيدو في وادي يزرعيل، الذي انتهى في مارس من العام نفسه بإصابة خطيرة من عبوة ناسفة كبيرة تركها المقاتل الذي تسلل إلى عمق إسرائيل. وبناء على ذلك، كان الاستعداد للحملة، أو على الأقل مستوى الجاهزية العالية للجيش الإسرائيلي، بما في ذلك تحديد موعد مستهدف، هو للجبهة الشمالية وإيران”.

وأُوضح المتحدث نفسه لأعضاء لجنة ترجمان قائلا: “كرر المستوى السياسي إلحاحه على الجيش الإسرائيلي للقيام بكل شيء لضمان بقاء غزة ثانوية وهادئة، بأي ثمن تقريبا.. في مثل هذا المناخ، من الواضح أن معظم التوجيهات في المنظومة الأمنية لا تستهدف حماس. في بعض الأحيان، يقنع حدث واحد المستوى السياسي بالمضي قدما في خطوة يدفع إليها الجيش، مثل اغتيال القيادي البارز في الجهاد الإسلامي بهاء أبو العطا في نوفمبر 2019 في عملية “الحزام الأسود”: تم إعداد العملية لعدة أشهر في القيادة الجنوبية التي أوصت ودفعت لتنفيذها، تردد المستوى السياسي ولم يقتنع إلا بعد أن شعر نتنياهو بالإهانة من إطلاق صاروخ على أشدود، بينما كان يلقي خطابا هناك في حدث سياسي”.

وتابع: “حتى ذلك الحين، لم يتوقف أبو العطا عن إطلاق الصواريخ على سديروت، لكن ذلك كان ‘مجرد إطلاق آخر على سديروت’. وفقا لسياسة الحكومة، التزمت القيادة الجنوبية أيضاً بسياسة الهدوء والتقدم نحو التسوية مع حماس لفترات طويلة. لم تكن الخطة الواسعة مثالية تماماً أيضا: ما الفائدة من الذهاب في النهاية فقط إلى مناورة محدودة ضد قاذفات الصواريخ، بعد أن تكون حماس قد أفرغت معظمها بالفعل؟”

ورأت “يديعوت أحرونوت” أن “الجزء المحزن في هذه القصة ليس الخلافات أو مزاعم الكذب وتبادل الاتهامات بين الجنرالات، بل هو أنه لا يوجد من يبتّ فيما حدث بالفعل خلف الأبواب المغلقة، ومن دفع في أي اتجاه ولماذا أصرّ المستوى السياسي على مر السنين وفي عدد كبير من الفرص التي مرت على رؤساء أركان ورؤساء شاباك ووزراء دفاع – على إبقاء حماس في السلطة في غزة مهما كلف الأمر”.

وأشارت الصحيفة إلى أن “اللواء احتياط ترجمان لم يُعين من قبل رئيس الأركان إيال زامير – الذي كان هو نفسه قائد القيادة الجنوبية في منتصف العقد الماضي، والذي دفع ببناء الحاجز الضخم والمكلف تحت الأرض ضد الأنفاق الاختراقية، وبالتالي زاد من حالة الرضا الإسرائيلي بأن غزة لن تكون قابلة للاختراق – لتقرير من يقول الحقيقة. لقد مُنح ترجمان تفويضا فقط لفحص جودة تحقيقات 7 أكتوبر التي أجراها الجيش الإسرائيلي بنفسه، وليس لفحص الإخفاقات مثل التعامل المهمل والمستهتر بخطة سور أريحا، أو النظرية القديمة التي أدت إلى تعاظم حماس لتصبح “وحشا”، والأهم من كل شيء: المستوى السياسي الذي يواصل إعفاء نفسه من لجنة تحقيق حكومية وحقيقية مع توجيه اللوم نحو الجيش الإسرائيلي فقط”.

وعلى الرغم من إحالة بعض هذه الشهادات إلى مراقب الدولة متانياهو أنغلمان، إلا أن أدواته أيضا محدودة للبت في هذه القضايا، بالإضافة إلى الشكوك التي تثار حول مستوى موضوعية تقاريره عن الحرب، بسبب صلته بنتياهو.

ونقلت “يديعوت أحرونوت” عن ضباط كبار قولهم للجنة ترجمان: “في الخطة التي لم يتم تنفيذها في النهاية، كان من المفترض أن نرى غارات جوية منظمة، استعدت لها القيادة الجنوبية من خلال مسوحات للأهداف في العام الذي سبق الحرب، غارات تنتهي بتدمير المواقع المركزية لحماس، واغتيال قادة الكتائب والناشطين الرئيسيين. هذه الخطة لم تزعم أنها ستقضي على حماس، ولكن حتى بعد عامين من القتال البري الصعب في جميع أنحاء قطاع غزة لم يتم تدمير حماس”.

وأضافوا: “كانت أهداف الألوية التي من المفترض أن تناور واضحة ومحددة. وأن تكون العملية من أقصى القطاع إلى أقصاه حوالي أسبوعين، وكانت المناقشات مع كبار هيئة الأركان حول ما إذا كانت العملية ستمضي قدما أم لا معقدة ومصحوبة بالصراخ. صحيح أنه في فرصة منتصف عام 2023 كانت هيئة الأركان العامة بالفعل في وضع الاستعداد لحملة مشتركة ضد حزب الله وإيران وطالبت بالحفاظ على القدرات لتلك الحرب، مثل مخزون القبة الحديدية من الصواريخ الاعتراضية، لكن الخوف من فقدان الجنود في عملية مبادرة كان دائماً يلوح في الأفق – وهو اعتبار لا يمكن قبوله اليوم بالتأكيد بعد ما شهدناه في 7 أكتوبر”.

من جهته، أكد الجيش الإسرائيلي أن الموضوع أُثير أمام لجنة ترجمان، لكنه أقر بأن أدواته محدودة للبت في الأمر، وبشكل خاص استخلاص الاستنتاجات نتيجة لذلك. لم يقدم توليدانو وهاليفي أي تعليق على هذه التصريحات.

المصدر: “يديعوت أحرونوت”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *