رواية (آخر رمان الدنيا)..رحلة الإنسان بين الأسر والحرية

رواية (آخر رمان الدنيا)..رحلة الإنسان بين الأسر والحرية

فاضل علي

رواية آخر رمان الدنيا للكاتب، بختيار علي، هو عمل أدبي رائع ومذهل، في هذا الكتاب، يتناول بختيار علي المواضيع الأساسية للحياة مثل القوة، الموت، الوحدة، وغيرها.

ترجم الكتاب إلى عدة لغات وأصبح كتابًا عالميًا، والرواية تتناول الحرب وعواقبها، ولكنه يتحدث أيضاً عن قضايا أخرى في الحياة، ومن المدهش أنه في نهايته لا يُدان أي إنسان أو يُعد مجرمًا.

تدور الرواية حول رجل قضى 21 عاماً في السجن الانفرادي، وكان رفيقه الوحيد الصحراء خلف نافذة زنزانته، حيث تقدم الرواية صورة واضحة للظروف الحالية للبشرية وتعرضها لنا.

في هذه القصة، يصف بختيار علي، حرب كردستان بطريقة تجعل القارئ محتارًا بين جانبين، مما يزيد من جاذبيتها مستخدما الرمزية في طرح أفكاره من خلال اعتماد الكتاب الرمان رمز الحب.

فالرواية تقدم مظفر صباحي، الشخصية الرئيسة والراوي للقصة حيث، يبحث عن الحرية ويأخذنا معه لاكتشاف عالم جديد. القصة مليئة بالحكايات والقصص الصغيرة التي تكشف بدورها قصصًا جديدة، منها قصة، يعقوب صنوبري الذي بنى قصراً ليقضي هو ومظفر وقتًا في التفكير حول الموت والحياة، لكن مظفر بمساعدة إكرام الكوه‌نشين يهرب ويذهب للقاء سرياس ابنه البالغ من العمر 21 عامًا والذي فقد والدته عند الولادة، ويعمل سرياس كعربة حمال وهو شخصية عميقة وملتزمة ويحظى باحترام الجميع، وقد أقامت معه الأخوات المغنيات عهداً أخويًا، يُقتل سرياس دفاعًا عن المظلوم ويُلقب بـالعربة الفيلسوف.

كما ان الرواية تطرح الشجرة التي ينمو عليها آخر رمان في العالم في مكان غريب، حيث يفكر الناس في المعاني الروحية والقيم الإنسانية الحقيقية ويقيمون عهودًا حقيقية، ويعرض بختيار علي معاناة القوم التي عانوا منها لسنوات تحت تعذيب نظام البعث العراقي.

في هذا الكتاب، يركز القاص أقل على دور النساء، ولكنه يتحدث عن علاقات عاطفية قصيرة للرجال الثوريين، والرسالة التي يريد الكاتب إيصالها، أن الرجال دون النساء يخلقون عالمًا قبيحًا، وكذلك، عندما يكون الإنسان أسيرًا، تكون للحياة قيمة عميقة، لا شيء يعطي معنى للحياة مثل العبودية أو الأسر، لأن الإنسان في تلك اللحظة يخوض معركة عظيمة من أجل الحرية، لكن الحرية أيضًا تجعل الإنسان يفقد معنى حياته أحيانًا، وفي الحرية، يكون الإنسان في حالة اندفاع وارتباك، ويفقد أحيانًا أمنيته ومعناه، والإنسان الحر قد يكون فارغًا من المعنى، لكن عظمة الإنسان ليست في البحث عن المعنى أثناء العبودية، بل في السعي وراءها في الحرية.

«آه، لا يوجد فن أصعب من أن تعلم نفسك ألا تنتظر… يا الله… يا الله، الإنسان مخلوق مليء بالانتظار… مخلوق عاجز أمام وسوسة البشارة التي لن تأتي أبدًا، والتي يجب أن تنتظرها إلى الأبد…»

«كان يريد أن يأتي إليّ كلما هدأت أحواله النفسية ورغباته، وكلما انفتح قلبه للكلام، ليتعلم مني شيئًا. كنت بالنسبة له شخصًا لا يمكن لأي شخص آخر أن يحل محله. شيء لم يكن موجودًا لدى أي من السياسيين سواء كانوا أصدقاءه أو حكامه أو أعداءه، كائن حي لم يكن يعرف ما حدث في تلك السنوات، كان يفتح فمه ليتحدث عن السكون والريح والنجوم، لم يكن يريد أن تكون القوة والمتعة فقط في ملكه، بل أراد أن تكون الجمال والبراءة والحكمة أيضًا، فهمت متأخرًا أنه يريد أن يحتفظ بكل شيء لنفسه، كل ما لم يكن تحت سيطرته يُنسى، لكنه لم يشترِ فقط محاربيه أو وزراءه، ولم يحتكر الأرض أو الشوارع أو المباني الجميلة، بعد الانتصار، استولى على كل شيء لنفسه».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *