عادل عثمان: تمردت على المألوف لأكون فناناً وخسرت الفرص لأربح نفسي
بغداد –
حوار: أحمد سميسم
تصوير: ورد عبد الأمير
في حضرة الموهبة والإصرار ومن بين ركام التحديات وأصوات الواقع المزدحم، بزغ نجم الفنان العراقي القدير، عادل عثمان، راسماً لنفسه طريقاً خاصاً في عالم الفن، لا يشبه إلا ذاته لم يكن طريقه مفروشاً بالورود، بل كان معبّداً بالإرادة، مكللاً بالشغف، ومتوّجاً بحب الجمهور الذي منحه ثقة لا تُشترى، كسر القيود الأسرية وتمرّد على المألوف ليُحلّق بأجنحة الإبداع في فضاء التمثيل، مثبتاً أن الموهبة الحقيقية لا تعرف المستحيل، جسد الكثير من الشخصيات التي ما زالت عالقة في الأذهان، نذكر منها مسلسل “رجال الظل” ومسلسل ” عالم الست وهيبة” ومسلسل “هستيريا” وغيرها..
الفنان عادل عثمان حل ضيفاً عزيزاً على السابعة ، كاشفاً لنا عن ملامح رحلته، وتفاصيل خطواته التي عبر بها من الحلم إلى الواقع، ومن المحلية إلى بوابة الانتشار الأوسع.
* تخليت عن حلمك في مجال الموسيقى ولبست عباءة التمثيل كيف تغيرت بوصلتك، حدثنا؟
– لم تتغير البوصلة، الموسيقى والتمثيل يسيران بخط متوازٍ ربما أحدهما سبق الآخر، شغفي بالموسيقى شغف حسي نابع من مشاعر وعواطف، أما التمثيل فالحال يختلف يشعرك بأن لديك شيئاً تريد ان تقوله سواء كانت كلمة أو حالة عامة أو موقف، لذلك شعرت بأنني قادر على التعبير في مجال التمثيل مع اهتمامي بعالمي الموسيقي الفطري.
* قصة كفاحك ووصولك للنجومية لم تكن سهلة، فكنت كالذي يمشي في حقل ألغام وسط رفض والدك شيخ العشيرة المتزمت في العادات والتقاليد فكرة دخولك الوسط الفني، كيف استطعت أن تتمرد على تلك التقاليد الصارمة؟
– الحافز الذي كان بداخلي نحو الفن كان يؤازرني دائماً وسط الصعوبات التي عشتها والرفض الذي واجهته من الأسرة لاسيما من والداي الذي كان رافضاً فكرة دخولي الوسط الفني منذ البداية، دخلت مجال الموسيقي رغم صغر سني في حينها ورغم العقبات وحقول الألغام كما تفضلت التي كانت في طريق موهبتي إلا أنني استطعت أن أتغلب على تلك الصعوبات ولم استسلم كالذي يتبع خيالاً أو ضوءاً في نهاية طريق معتم، لذلك تمردت على العادات والتقاليد المألوفة الأسرية لأحقق حلمي الفني وأكون فناناً.
* أسست فرقة موسيقية في الثمانينيات، حدثنا عن هذه الفرقة؟ وهل تتمنى أن تعيد إحياءها مجدداً؟
– نعم أسست فرقة موسيقية في السبعينيات عندما كنت طالباً في أكاديمية الفنون الجميلة لكن بسبب ظروف التحاقي في العسكرية اضطررت الى ترك الفرقة وتأسيسها مرة أخرى عام 1983 مع مجموعة من الأعضاء البالغ عددهم أربعة أشخاص وبمعدات موسيقية بسيطة وكنا نحيي حفلات بسيطة لكن لم تكن الفرقة ذات شهرة واسعة سوى ضمن الإطار المحلي وألغيت الفرقة عام 1984، أما الان فصعب أن أعيد إحياء الفرقة لأسباب كثيرة.
* هل ساهمت محافظة الديوانية حيث مسقط رأسك في تشكيل ملامحك الفنية؟
– أنا لست من مركز محافظة الديوانية بل ولادتي كانت في قرية اسمها الصالحية تبعد عن الديوانية حوالي ساعة ونصف الساعة في السيارة، في تلك القرية نشأت وترعرعت مع أسرتي، تأثير البيئة لم يكن كبيرا في تشكيل ملامحي الفنية وسط البيئة البسيط التي أعيش فيها من جهة ورفض أسرتي فكرة الفن من جهة أخرى.
* لو تحقق حلمك في عالم الموسيقى وأصبحت موسيقياً، هل تعتقد أنك كنت ستحقق نفس النجومية التي وصلت إليها في التمثيل؟
– لو أتيحت الفرصة لي ودرست الموسيقى أكاديمياً لربما أصبحت واحداً من ألمع النجوم الموسيقيين.
* كانت أولى بطولاتك التلفزيونية في تمثيلية حبيبتي خلال سبعينيات القرن الماضي من إخراج جمال محمد، فهل تعد هذا العمل هو الانطلاقة الحقيقية نحو الجمهور، أم أن هناك أعمالاً لاحقة لعبت دوراً أكبر في ترسيخ شهرتك؟
– بالتأكيد تمثيلية حبيبتي كانت جواز مروري نحو الأضواء وعرّفت الجمهور بي، كونه أول ظهور لي في التلفزيون بدور البطولة بترشيح من المخرج جمال محمد، وبعدها اشتركت بسداسية تمثيلية من إخراج حسين التكريتي بمشاركة الفنانة التفات عزيز ويوسف العاني وآخرين من الأسماء الكبيرة.
* حقبة التسعينيات يبدو كانت حقبة مليئة بالنجاحات والتميز على المستوى الدرامي؟
– هذا صحيح خلال حقبة التسعينيات قدمت أعمالاً تلفزيونية مهمة شكلت محطات مهمة في مسيرتي الفنية كمسلسل رجال الظل عام 1995 الذي أعده انعطافة ومحطة كبيرة مهمة في حياتي الفنية، كذلك مسلسل عالم الست وهيبة بجزئه الأول لكن ليس بقوة وتأثير رجال الظل في حينها، وأيضا مسلسل هستيريا.
* بصراحة هل الفن يقدم حياة معيشية كريمة لائقة للفنان العراقي؟
– منذ متى الفن يوفر حياة معيشية كريمة للفنان العراقي؟! سواء سابقاً أو حالياً ربما الان أصبح الوضع المعيشي للفنان أفضل بقليل لكن ليس لكل الفنانين بل لفئات محدودة من الذين لديهم لون فني معين ويفرضون أجوراًا عالية، أما بشكل عام فالفن جميل لكنه لا يطعم خبزاً لأسباب كثيرة أولها انعدام التسويق لأعمالنا الفنية وبالتالي يظل الفنان حبيس المحلية والأعمال المحدودة لموسم واحد وبأجور زهيدة.
* بين ذاكرة الأمس وشاشة اليوم ما الذي تغير في روح الدراما؟
– تغير الكثير في ملامح الدراما، أود الإشارة الى أننا لا نشتغل دراما عامة بل ميلو دراما التي تخاطب العاطفة والأحاسيس وتثير الشجون في البكاء أو الفرح، أما الدراما فحالة عامة تخاطب العقل والوعي والمجتمع بصورة عميقة، وهذا نادر ما نعمل عليه في الدراما العراقية.
* يكاد لا يكون لديك أصدقاء مقربين في الوسط الفني سوى الفنان القدير سامي قفطان، يبدو أن هناك ذكريات جميلة تجمعكم معاً؟
– نعم الفنان القدير سامي قفطان من أصدقائي المقربين وأعتز به كثيراً، ويجمعنا سكن قريب من بعض، ونزاول لعبة الطاولي معاً في أوقات الفراغ ودائماً أنا الفائز في اللعبة، وأيضا تجمعني صداقة جميلة مع الفنان كريم محسن.
* لدي معلومة عنك أنك فنان عزيز النفس وترفض الاتصال بأي مخرج أو شركة فنية طلباً للعمل، مفضلاً ان تأتيك الفرص من تلقاء نفسها، برأيك هل كلفك هذا الموقف خسارة بعض الأدوار أو الفرص المهمة؟
– هذا صحيح، لا أتصل أو أطلب عملاً من أي شخص سواء كانوا أشخاصاً أو مؤسسات طبعي هكذا، أفضل ان تأتي الأشياء عفوية وتلقائية، أما هل خسرني هذا الموقف، نعم خسرت الكثير من الفرص ولم أندم عليها، بالمقابل ربحت نفسي واحتفظت بكرامتي وكسبت أيضا حب الجمهور وتقديرهم لي، وهذا ما حصل مؤخراً في الكثير من الأعمال الدرامية أُنتجت كنت مغيباً عنها ولا أعرف السبب.
* هل هناك شخصية ما تطمح لتجسيدها؟
– أي شخصية مرسومة بشكل صحيح ضمن عمل درامي مكتوب بشكل جيد فيها قيمة فكرية وإنسانية واجتماعية فإنها تستهويني.
* ماذا تحمل ذاكرتك عن مهنتك السابقة في التسجيلات الموسيقية؟
– شظف العيش دفعني الى العمل في مجال التسجيلات الموسيقية في الثمانينيات، حيث امتلكت حينها محلاً في منطقة الصالحية، لكنني ندمت لاحقاً على تلك المهنة لأنها لم تكن تناسب طموحي ولا مكاني الحقيقي، كما أمتلكت محلاً آخر في شارع النضال لبيع وتأجير الآلات الموسيقية.
* آخر عمل درامي لك كان مسلسل ابن الباشا، هل الدور لبى شغفك وفضولك الفني؟
– نعم الدور كان جيداً ومؤثراً ولبى شغفي وهذا ما لاحظته في ردود الجمهور، وكأن الشخصية كتبت لي تحديداً.
