يساري ومسلم يتولى عاصمة الأثرياء!
بين الخبير في الشؤون الأمريكية الدكتور عقيل عباس، أن ترشح زهران مامداني لمنصب عمدة نيويورك كأول مسلم في تاريخ البلاد، يأتي نتيجة ازدياد شعبية تيار الديمقراطية الاشتراكية الذي يتضامن مع الفقراء ويسعى لتحصيل حقوقهم بدلاً من معاقبتهم.
وقال عباس خلال حديثه في برنامج “قصارى القول” مع سلام مسافر على قناة RTعربية: “ينتمي مامداني إلى التيار الذي بدأه السيناتور الأميركي بيرني ساندرز في انتخابات العام 2016 والمعروف بالديمقراطية الاشتراكية، وهو ليس حزبًا سياسيًا بالمعنى التقليدي، إلا أنه يتبنى قضايا معينة مثل توفير التعليم والرعاية الصحية بالمجان، ويعتبر هذا التزاماً أساسياً لمساعدة الفقراء والأقل حظًا، ويجب على الأغنياء تحمل تكلفة مثل هذه الالتزامات”
مضيفا “عدد المنضمين إلى هذا التيار كان آنذاك حوالي 6 إلى 8 آلاف شخص، ليصل إلى 90-95 ألفاً في العام 2021، خلال أربع سنوات”.
وتابع “هناك تغيير واضح في المجتمع، حيث أن أغلب هؤلاء الأفراد من الشباب وما يُسمون بـ”جيل الميلينيوم” الذين وُلدوا قبل العام 2000، جزء من هذا التغيير يعود إلى وسائل التواصل الاجتماعي التي وفرت لهم وصولاً مباشراً إلى العالم، فباتوا مهتمين بشكل أكبر بالعدالة الاجتماعية، ويرون أنه على الدولة أن تتولى ليس فقط مهمة الحماية والاقتصاد، بل أيضاً تحقيق قدر واضح وكبير من العدالة الاجتماعية”.
وبالنسبة لاحتمالات نجاح مامداني لعمدة مدينة نيويورك الملقبة بعاصمة الأثرياء، علق الخبير: “يحاول ترامب ومن حوله تصوير الشاب الثلاثيني على أنه اشتراكي بالمعنى التقليدي للشيوعية، والذي يعني مكافحة أو الوقوف ضد القطاع الخاص والأغنياء ومعاقبة الغنى كغنى”، مبينا “ما يسعى إليه المرشح زهران يقف تماما ضد القانون الذي يبذل ترامب جهده لتمريره منذ العام 2017 والقائم على منح إعفاءات ضريبية كبيرة تصل إلى حوالي 38% لكبار الشركات والأثرياء وهذا يعتبر ذروة صعود التوجهات اليمينية في الولايات المتحدة يواجهها الآن شاب من اليسار دون خوف أو قلق لدرجة أنه يناشد بالقبض على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعد أن كان ذلك من المحرمات الثقافية”.
واستطرد “رغم كل ذلك، حصل مامداني على هذه الجماهيرية، لأن المجتمع بات أكثر تنوعا وتيقظا، والأجندة التي يتبناها المرشح للعمدة هي في إطار اليسار الليبرالي وليس الشيوعي، واستقاها من الطبقات الوسطى والدنيا والفقراء، وهم أغلبية السكان في نيويورك التي تظهر أنها مدينة الأغنياء مثل ترامب ومن حوله، إلا انه وجد عددا كبيرا من الناس يعانون من ارتفاع الإيجارات والمواصلات، وحضانة الأطفال، والتعليم، والعلاج الطبي وغيره”.
وأضاف “ستجري الانتخابات في نوفمبر/ تشرين الثاني القادم، ومن المؤكد ان مامداني سيفوز ويصبح العمدة، فمدينة نيويورك تُعتبر ديمقراطية، وبالتالي هذا الاختبار سيكون قصة عالمية، وإذا نجح جزئيًا في تنفيذ أجندته؛ أعتقد أننا سنشهد تحولًا على مستوى البلاد بأكملها”.
وحول حصول ممداني على الجنسية الأميركية خلال فترة ليست بالبعيدة في العام 2018، أوضح عباس “اختار المرشح زهران أن يصبح أمريكياً بعد تخرجه من الجامعة، وهذا يعكس الكثير عن تغير المجتمع وفكرة أن الولاء للولايات المتحدة مرتبط بالولادة على أراضيها، الأمر الذي يتعرض للنقد، حيث هناك عدد كبير من الأشخاص في البلاد يدعون إلى إزالة المادة الدستورية التي تشترط أن يكون رئيس الجمهورية مولودًا أمريكيًا”.
ورأى الخبير أنه “إذا نجح مامداني في إدارته لنيويورك، فإن موضوع التعديل الدستوري بخصوص تلك المادة، ينبغي أن يتم طرحه في الولايات المتحدة بجديةوربما سيحصل على الزخم الذي يمكن أن يحوله إلى واقع”.
